انتشار الأميبا بين الأطفال في جنوب لبنان وعلاقتها بمصادر المياه
كشفت دراسة حديثة أجريت في مستشفى الشيخ راغب حرب الجامعي بالتعاون مع كلية العلوم في الجامعة اللبنانية عن نسب مقلقة لانتشار داء الأميبا (Amebiasis) بين الأطفال في جنوب لبنان، حيث بلغت نسبة الإصابة 25% من الأطفال الذين شملتهم الدراسة.
ويعد الأميبا من الأمراض المعوية التي يسببها طفيلي الأميبا (Entamoeba histolytica)، وينتقل بشكل رئيسي عبر المياه أو الأطعمة الملوثة. وتعد العدوى به من أبرز الأسباب المؤدية إلى التهابات الأمعاء والإسهال المزمن والنزيف المعوي في البلدان النامية، وخصوصا في المناطق التي تعاني من ضعف في شبكات المياه والصرف الصحي.
وقد أجريت الدراسة على 180 طفلا تتراوح أعمارهم بين سنة و 15 سنة في منطقة النبطية، حيث تم جمع عينات براز الأطفال وفحصها مجهريا للكشف عن وجود الطفيلي، كما أجريت مقابلات مع الأهالي لتقييم عوامل الخطر البيئية ومدى الوعي العام حول المرض.
وأظهرت النتائج أن الأطفال دون سن الخامسة هم الأكثر عرضة للإصابة، إذ شكلوا ما يقارب الـ 69% من اجمالي الحالات المصابة. كما تبين أن استخدام المياه غير آمنة المصدر والممارسات الزراعة المنزلية من أبرز العوامل المرتبطة بزيادة خطر العدوى، إذ تضاعف احتمال الإصابة تقريبا مرتين بين الأطفال الذين يستخدمون مياه شرب ملوثة أو يعيشون في منازل قريبة من الأراضي الزراعية.
وفي المقابل، لم تظهر الدراسة فروقا واضحة في نسب الإصابة بين الذكور والإناث أو تأثيرا للمستوى التعليمي للأهل، كما أن المعرفة المسبقة عن المرض لم تكن كافية لتقليل خطر العدوى، مما يشير إلى أن الوعي النظري وحده لا يكفي ما لم يترجم إلى سلوك صحي فعلي.
وتؤكد هذه النتائج أن تلوث المياه في بعض المناطق الجنوبية لا يزال يشكل مشكلة صحية عامة تتطلب تدخلا عاجلا. وأوصى الباحثون بضرورة تحسين جودة المياه المنزلية ومعالجتها بشكل دوري، إلى جانب تعزيز التوعية الصحية للأهالي حول طرق العدوى والوقاية، خاصة في المناطق الريفية التي تفتقر إلى البنى التحتية السليمة للمياه.
وتأتي هذه الدراسة لتسلط الضوء على أهمية التكامل بين البحوث العلمية والرعاية الصحية في المستشفيات اللبنانية، وتؤكد التزام مستشفى الشيخ راغب حرب الجامعي بدعم الدراسات التي تسهم في حماية صحة الأطفال وتعزيز الوعي البيئي في المجتمع المحلي.